السبت، 17 سبتمبر 2016

الطابعات وأكثر من ٣٠٠ ألف مشكلة!

شركة أتش بي اشترت قسم الطابعات من شركة سامسونج، ومن الكلام الرسمي لبيان الشركة حول الخبر تقول الشركة بأن الهدف هو التجديد في السوق ومنتجاته، هدف رائع بلا شك لكن لدي شكوكي هنا حول نتائج هذه الصفقة، النتيجة الأولية هي غياب منافس عن سوق الطابعات وهذا يعني منافسة أقل، وقد يكون هدف أتش بي شراء براءات الاختراع واستخدامها ضد الآخرين، أياً كان هدف أتش بي من هذه الصفقة، لا يمكنني أن أثق بالكلام الرسمي البارد، لكن لننتظر ولنرى، ربما أكون على خطأ، ربما ستتمكن أتش بي من بث دماء جديدة في سوق الطابعات.

هذا موضوع أتكلم فيه عن الطابعات، كلام لم أبحث فيه أو أدقق فيه كثيراً، مجرد "خواطر" سريعة.

(١)
في وقت مضى كان بإمكاني أن أخبرك ما هي آخر المنتجات التقنية وما هي أفضل الخيارات، كانت حواسيب أو طابعات أو أي منتج آخر له علاقة بالحاسوب، كنت أتابع أخبار هذه المنتجات عبر مجلات الحاسوب ولاحقاً عبر الشبكة في وقت كانت الشبكة لا تقدم الكثير كما تفعل اليوم، لكن مع ازدياد الأخبار والعروض والاختبارات أصبحت متابعة كل الأخبار أمر غير عملي وغير ضروري أيضاً، عندما تريد شراء منتج تقني بإمكانك البحث عن آخر المعلومات وبناء عليها تشتري ما تريد.

أو هكذا أتمنى أن يكون الأمر، كنت أبحث عن طابعة حبر ملونة، وأرغب فقط في طابعة دون وظائف أخرى، لكن تذكرت قصة الطابعات وكيف أن كثير منها مصمم لكي يتوقف عن العمل بعد فترة لكي تشتري غيرها، وكيف أن كثيراً منها رخيصة بينما الحبر مرتفع السعر لدرجة تدفع البعض إلى شراء طابعة جديدة بدلاً من شراء عبوات حبر للطابعة القديمة، وتذكرت قصة الطابعات وكيف أنها تلوث الهواء وهو أمر جربته أكثر من مرة، وحاولت أن أجد ابتكاراً جديداً في مجال الطابعات لكن لم أصل إلى شيء، مصنعي الطابعات يحسنون أداء الطابعات ودقتها لكن لا أذكر أن هناك ابتكار جديد في هذا المجال.

بحثت أولاً عن طابعات حبرية ووجدت أنها في الطريق إلى الانقراض، يمكن شراء طابعة حبر لكن المصنعين يركزون أكثر على اجهزة متعددة الاستعمالات تحوي طابعة وماسح ضوئي في نفس الوقت وتقدم وظائف مختلفة لكن مقابل حجم أكبر وربما تعقيد أكبر، في وقت ما قد أرغب في شراء ماسح ضوئي لحفظ صور قديمة لكن الآن أرغب فقط بطابعة.

لماذا أرغب في طابعة؟ لأنني أريد أن أطبع! بعد استخدام الحلول الرقمية والحلول الورقية وجدت الورق أكثر فعالية بالنسبة لي، قائمة مهام على ورق لها أهمية أكبر من أفضل برنامج لقوائم المهام على أحدث الهواتف الذكية، هذا ما أشعر به، ليس هناك شيء منطقي يجعلني أفضل الورق على الشاشات، فقط أفضل أن ألمس الورق بيدي وأكتب عليه بالقلم.

النقطة الثانية هي أنني أريد صنع مطبوعات صغيرة، مجلات صغيرة فنية، لا أنوي بيعها أو طباعة الكثير منها، فقط هواية لأتعلم وأستمتع، ولهذا السبب أنا بحاجة لطابعة تطبع على وجهي الورقة، علي صنع مجلة واحدة على الأقل لأرسلها لشخص في آيرلندا، هذه قصة لموضوع آخر!

أريد طابعة ملونة لطباعة الصور والوثائق بالألوان كذلك، طابعات الليزر باللون الأسود مناسبة جداً للمكاتب وطباعة وثائق رسمية لكن للاستخدام الشخصي أرغب باستخدام الألوان.

(٢)
بحثت عن آخر ابتكارات في مجال الطابعات، ولم أجد شيئاً يستحق ان أذكره، الطابعات منذ وقت طويل وصلت إلى الاستقرار من ناحية الوظائف والابتكارات ولم يعد هناك ما يمكن فعله، أو هذا ما يقوله البعض ولدي شك في هذا الكلام، ما يحدث اليوم هو التالي:
  • تحسين سرعة الطابعة، من تلقي الأوامر إلى طباعة الورق، هناك أجزاء كثيرة تعمل بسرعة أكبر الآن.
  • تقليل استهلاك الحبر.
  • تحسين جودة الطابعة من ناحية التعامل مع الورق، كذلك جودة الطباعة نفسها، أي النصوص والصور.
  • إضافة تقنية الاتصال اللاسلكي وهذا يعني الطباعة دون ربط الطابعة بالحاسوب مباشرة، وهذه فكرة قديمة الآن.
  • تقديم عبوات حبر منفصلة فلا تحتاج لاستبدال كل الألوان في حال كان ينقصك لون واحد.
ما عدى هذه الأشياء، هل هناك ابتكار تقني في مجال الطابعات؟ دمج وظائف أخرى كالماسح الضوئي في الطابعة ليس اختراعاً جديداً.

(٣)
يمكن لمصنعي الطابعات أن يفعلوا الكثير لتحسين الطابعات، لاحظ أن تجربة استخدام الطابعات ليست إيجابية على المدى البعيد، إلا للشركات التي يتقن قسم المشتريات فيها شراء طابعات جيدة تدوم لوقت طويل وتستخدم بفعالية، للأفراد تجربة استخدام الطابعات تجعل بعضهم لا يرغب في شراء طابعة وهذا ما يحدث لي، أريد واحدة لكنني متردد كثيراً بسبب المشاكل التي قد أواجها مع الطابعات، ابحث في يوتيوب عن printer problem وستجد العشرات من مقاطع الفيديو التي تعلمك كيف تعطي طابعتك حياة أطول لأن المصنعين يتعمدون صنع طابعاتهم لتخدمك فترة قصيرة فتضطر لشراء مزيد من الحبر أو تشتري طابعة أخرى.

هناك من صنع موقعاً للبحث عن مشاكل الطابعات وحلولها، وفيها أكثر من ٣٠٠ ألف مشكلة وحل، تصور ذلك؟! هناك مشاكل في البرامج المشغلة للطابعات، مشاكل مع البرامج التي تتعامل مع الطابعات مثل محرر الكلمات أو برامج تحرير الصور، هناك مشاكل مع الحبر وبعض الطابعات تصمم الحبر بطريقة تجبرك على شراء عبوات جديدة مع أن النقص قد يكون في عبوة واحدة، مصنعي الطابعات يمكنهم حل هذه المشاكل بتقديم طباعات بجودة أعلى وبرامج مشغلات جيدة.

(٤)
هناك توجه عالمي - وإن كان بطئياً - نحو المكاتب بلا ورق، أو مكاتب تستخدم الورق للحاجة فقط وكل أعمالها إلكترونية، لكن الورق نفسه لن يموت، اختراع ظهر قبل ما يزيد عن ألفي عام لا يمكن أن يموت بسهولة، خصوصاً أن الناس اليوم يستخدمونه لأغراض فنية مختلفة وهناك من يؤمن بأن الورق أفضل من الأجهزة الإلكترونية.

الطابعات يفترض أن تتوجه نحو الأعمال الفنية أكثر من المكتبية، طباعة الصور مجال قديم استطاع مصنعوا الطابعات أن يستغلوه وينتجوا طابعات تطبع صوراً رائعة، لكن هناك مجالات أخرى يمكنهم تحسينها، مثلاً الطباعة على وجهي الورقة وتقديم واجهة سهلة تبسط عملية صنع مجلة صغيرة، أعلم أن المحترفين يمكنهم فعل ذلك بسهولة، لكن ماذا عن شخص ما ليس لديه أدنى خبرة؟ يفترض أن طباعة مجلة بالنسبة له تكون عملية سهلة من خلال واجهة استخدام تبسط له الأمر.

تصور معي أن الطابعات تقول للأفراد الذين لم يصنعوا شيئاً فنياً في حياتهم: هذه الطابعة يمكنها ببساطة أن تجعلك تصنع هذه الأعمال الفنية ببساطة، فقط قدم المحتويات من نصوص وصور وببرنامج بسيط يمكنك أن تحصل على هذه النتيجة، لا شك لدي أن هذا سيدفع مزيداً من الناس لشراء الطابعات ولصنع أعمال فنية، وإن كانت تجربتهم إيجابية فهذا سيدفع مزيداً من الناس إلى تقليدهم.

أياً كانت الرسائل الرقمية، لا زال للورق قيمة أكبر، لو أرسلت لشخص ما بطاقة تهنئة صنعتها وطبعتها بنفسك سيكون لهذا قيمة أكبر من رسالة رقمية.

كذلك الحال مع المحتويات، عندما أشتري مجلة فأنا أقرأها باهتمام أكبر مع أن محتواها قد يكون متوفراً رقمياً، لكن القراءة من الورق تعطيني تجربة أفضل ولا تشتت انتباهي بأي شيء سوى المحتوى، وأظن أن شخصاً يطبع مقالات من موقع ليوزعها على آخرين سيجد اهتماماً أكبر بهذه المقالات، بينما لو نشر رابطاً في تويتر فربما لن يجد أي اهتمام.

لذلك يمكن لمصنعي الطابعات أن يستغلوا الورق كوسيلة تواصل وإعلام وكوسيلة فنية أيضاً ويصنعوا منتجات تساعد الناس على طباعة ما يرغبون بسهولة ودون مواجهة المشاكل الحالية للطابعات، لتكن الطابعات بجودة عالية وبسعر مرتفع وليكن الحبر بسعر منخفض، هذا سيجعل الناس يشترون الحبر عاماً بعد عام، لكن طمع الشركات جعلهم يفعلون العكس، طابعات رخيصة ويمكنهم حتى أن يقدموها مجاناً للناس مقابل أسعار عالية للحبر، وفوق ذلك مشاكل الطابعات لا نهاية لها.

(٥)
هل هناك أي مجال للابتكار في الطابعات؟ هناك أفكار كثيرة، أعرض بعضها هنا مع التنبيه بأن بعضها قد لا يكون عملياً في الواقع:
  • طابعة تستخدم لفة ورق بدلاً من أوراق منفصلة، هكذا توفر في الورق.
  • اطبع البيانات على الورق وشارك به الآخرين، الفكرة تستخدم تقنية NFC وهذا يعني الحاجة لقارئ لهذه البطاقات لكن هواتف اليوم يمكنها التعامل مع هذه التقنية.
  • طابعة تستخدم الأقلام للحبر، الأقلام متوفرة ورخيصة، فلم لا نستخدمها للحبر؟
  • طابعة صغيرة الحجم تتحرك فوق الورق وتطبع، رأيت نماذج عديدة لهذه الفكرة.
  • طابعات من نوع Plotter، هذه متوفرة في السوق لكن موجهة للشركات في الغالب.
  • توفير طابعات يمكنها الطباعة على أنواع مختلفة من المواد: الأقمشة، الزجاج، البلاستك، أو على أشكال مختلفة من الأشياء، المكعبات والصناديق، أشياء دائرية كالأكواب مثلاً.
  • طابعات بحجم أصغر؟ ليس الجميع بحاجة لطابعة بحجم A4، في الحقيقة أفضل حجم A5 للورق، فلم لا تكون هناك طابعة لهذا الحجم؟ ستأخذ مساحة أصغر من المكتب.
طابعة بشاشة لمس
SWYP: See What You Print from Artefact on Vimeo.

Paper


طابعة ترسم بالأقلام، منتج فعلي يمكن شراءه AxiDraw


 كانت هذه أفكار سريعة عن الطابعات، بعد أن قرأت عنها توصلت إلى أن طابعات الليزر أفضل من ناحية تقديم خدمة أطول مقابل الحبر المتوفر وجودة أعلى للطابعات، ويمكن شراء طابعة ليزر ملونة بسعر مقبول اليوم، لكن مصنعي الطابعات بإمكانهم تحسين الطابعات، هناك شبه اتفاق بين الكثير من الناس على أن الطابعات من أسوأ المنتجات التقنية في السوق اليوم.

1 تعليقات:

Css_Abdou يقول...

مقال ممتع قرأته و أعدت قرائته. شكرا جزيلا لك

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.