الثلاثاء، 18 نوفمبر 2014

قائمة الملاعق الخشبية

kitchen tools at the table
المصدر
سبق أن كتبت عن قائمة لن أفعلها وهي باختصار قائمة لكل شيء يفترض ألا تفعله، إن لم تقرأ ذلك الموضوع ففعل وعد لهذا الموضوع لاحقاً، هذا الموضوع أيضاً تمرين عملي بسيط وقصير لن يأخذ منك خمس دقائق، لذلك أحضر ورقة وقلم، وربما كوب شاي أخضر إن أردت.

شخصياتنا وإنجازاتنا ومحاسننا وعيوبنا كلها مرتبطة بعاداتنا اليومية، ما نفعله كل يوم هو ما يحدد شخصياتنا ولو فكرت قليلاً بما تفعله كل يوم ستعرف من أنت حقاً، أنت لست الأشياء التي تتمنى أن تكون عليها بل الأشياء التي تفعلها اليوم وكل يوم، هذه الفكرة عندما أدركتها جعلتني مكتئباً حقاً لأن ما أفعله كل يوم لا يعجبني بأي شكل، حتى القراءة التي أمارسها ليست القراءة التي أريدها.

مع إدراك الفكرة لا يمكن للتغيير أن يأتي دفعة واحدة لأن تغيير العادات لا يختلف كثيراً عن هدم الجبال، يمكنك أن تفعل ذلك لكن عليك أن تقضي وقتاً طويلاً لتتغير وإن حاولت فعل ذلك دفعة واحدة ستتعب، لأن الإرادة طاقة لها حدود ويمكن أن تستهلكا سريعاً إن واجهت يوماً متعباً لأعصابك، لهذا السبب كثير من المشاهير مثل ستيف جوبز وغيره يلبسون نفس الثياب كل يوم، لا حاجة للتفكير في ما يلبسونه لأن طاقة إرادتهم واختياراتهم يحتاجونها لأمور أهم.

لكي تتغير، لكي تتعلم شيئاً جديداً، لكي تكتسب عادات حسنة جديدة؛ عليك أن تمارس هذه العادات كل يوم وبلا انقطاع ولمدة لا تقل عن شهرين، أذكر أنني قرأت بأن اكتساب عادة جديدة يحتاج إلى ٢١ يوماً ثم قرأت عن دراسة تقول أن الموضوع يعتمد على شخصيات الناس لكن في الغالب أنت بحاجة إلى شهرين على الأقل وهناك من يقول أكثر من ذلك، لكن في رأيي عليك أن تمارس العادة الجديدة حتى تصبح جزء من شخصيتك وتمارسها دون تفكير أو تخطيط كبير منك.

إليك مثلاً تنظيف الأسنان، لمدة طويلة كنت لا أنظف أسناني والنتيجة أنني أنفقت آلاف الدراهم في عيادة للأسنان، لكن قبل سنوات عديدة بدأت أذكر نفسي بأن علي ممارسة هذه العادة وربطتها بوجبات اليوم، مباشرة بعد الإفطار أو العشاء أذهب لتنظيف أسناني، لا أعذار، لا تأخير ولو لثانية واحدة، لأنني سأنظف يدي فلم لا أنظف أسناني كذلك؟ بعد فترة من فعل هذه العادة أصبحت أمارس تنظيف الأسنان بلا تفكير، بل أشعر بانزعاج كبير إن كنت في مكان ما وأكلت شيئاً وأعرف أنني لن أستطيع تنظيف أسناني إلا بعد ساعات، الوصول لهذه المرحلة تطلب كثيراً من الوقت والجهد والتذكير بمختلف الوسائل.

تعلم شيء جديد يحتاج لنفس الجهد، سبق أن تكلمت عن امرأة أرادت تعلم البرمجة في ١٨٠ يوماً، وعن شاب أراد ينتج رسومات هندسية كل يوم، ولا شك هناك مشاريع فردية كثيرة حول العالم وفي الشبكة لأناس يعلنون عن ممارسة شيء ما لمدة طويلة لأهداف مختلفة، من أشهر هذه الأفكار مشروع ٣٦٥ صورة، أي صورة كل يوم يلتقطها الفرد ويجبر نفسه على نشرها، شيء حاولت فعله وتوقفت خلال أيام قليلة! لكنني أريد فعل ذلك، المشكلة التي واجهتني هي أنني لا أذهب لأماكن عديدة ولا أمارس التفكير الإبداعي لأخرج بصور جديدة عندما لا أذهب لأي مكان.

على أي حال، اليوم لدي مثال آخر، ٣٦٥ ملعقة خشبية! مصمم يحب العمل بيديه ويريد أن يتعرف على أنواع الخشب ويعرف كيف يحفر هذه الأخشاب ويصنع منها ملاعق خشبية بأشكال متنوعة وبعضها غير عملي لكن هذا غير مهم، هواية حفر الأخشاب لصنع شيء تعجبني حقاً لأنني أرى أنها واحدة من تلك الهوايات التي تجعلك تدخل لمنطقة تركيز تام فأنت تفكر وتنظر في شيء واحد وتعمل بيديك وبالتالي عليك أن تبتعد عن الحاسوب، ربما تستمع للمذياع لكن باقي انتباهك منصب على شيء واحد.

المصمم يقول بأنه يجمع الأخشاب من الغابات القريبة منه وتحتاج كل قطعة من نصف ساعة إلى ٣ ساعات لحفرها، يعتمد الأمر على نوع الخشب وتصميم الملعقة، وسبق مشروعه هذا أن درس أنواع الخشب ووجد أن حفر الملاعق هي الخطوة المنطقية التي تلي هذه الدراسة.

قائمة الملاعق الخشبية

التمرين العملي، أحضر ورقة وقلماً ... لا! .. أبعد الهاتف وحاسوبك اللوحي، لا حاجة لهما هنا، أكتب في أعلى الصفحة "قائمة الملاعق الخشبية!" وفكر ما تريد فعله كل يوم من عادات حسنة ولكنك لا تفعلها، أو بأشياء تود تعلمها لكنك لا تفعل، قد تكون أموراً صغيرة أو كبيرة، قد ترغب في أن تتناول الخضار والفواكه كل يوم أكثر مما تفعل الآن، أو ربما تريد أن تكون جاداً أكثر في دراستك لكي تصل إلى شهادة الدكتوراه في مجال تخصصك، أياً كان ما تريد فعله أو تعلمه، أكتبه في القائمة.

سيكون من الأفضل لك أن تكتب سبب رغبتك في هذه العادة الجديدة، حتى لو كان السبب صغيراً، لكي تذكر نفسك بدوافعك، المرء ينسى أحياناً لم يفعل شيئاً وفقدان السبب قد يعني أنك ستفقد الدافع وبالتالي فقدان الرغبة في الاستمرار.

خذ نقطة من القائمة، لنقل أنك تريد ممارسة المشي مثلاً كل يوم بعد صلاة العصر، ما يجب أن تفعله هنا أن تربط المشي بالصلاة، ما إن تنتهي من الصلاة والذكر وتخرج من المسجد يجب أن تذهب فوراً لتمارس المشي، لا تتوقف لأي شيء آخر، يجب أن تصبح نهاية صلاة العصر هي بداية المشي.

اكتساب عادة جديدة يصبح أسهل عندما تربطه بشيء تفعله كل يوم، لذلك حاول ربط ما تريد فعله بعادة يومية تمارسها كل يوم، لنقل مثلاً أنك تحضر كل يوم كوب شاي في الصباح وتجلس أمام الحاسوب، في حين أنك تريد أن تمارس القراءة في الكتب، كل ما عليك فعله هو أن تغير مكانك، بدلاً من الجلوس إلى طاولة الحاسوب؛ ابتعد واجلس في مكان آخر ومعك كتاب، الأمر يبدو بسيطاً لكنه مؤثر ومهم، تغيير بيئتك سيجعلك تتغير، لا تظن أنك ستتغير بمجرد أن ترغب في ذلك، عليك أن تغير بيئتك ومحيطك وكذلك بعض أفعالك اليومية.

اكتب في القائمة ما تريد فعله من عادات يومية، وسبب كل نقطة في القائمة وكيف ستفعل ذلك كل يوم، كيف ستذكر نفسك كل يوم؟ وفي نفس الوقت فكر بعدد النقاط في القائمة، لعلك تريد فعل الكثير لذلك عليك أن ترتب هذه النقاط، أيها أهم، اختر ٣ منها فقط لتكون مهمة وضعها في قائمة منفصلة، بقية النقاط في قائمة أخرى.

ماذا بعد كل هذا؟ ... لا شيء، أنت حر في فعل ما تشاء.

2 تعليقات:

Unknown يقول...

أشكرك على طرحك المستمر لمثل هذه المواضيع أخي عبد الله التي أرجو من نفسي ومن القراء أن تأخذ بكامل الجدية

غير معرف يقول...

للتوّ انهيت المقال، واعددت القائمة، شكراً على الطرح اليسير المميز، الذي اختصر الكثير وجعلها تبدو اسهل .

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.